زواج الجاني من المجني عليها: هل هو مانع للعقاب في القانون المصري؟
لطالما كانت قضية زواج الجاني من المجني عليها بعد ارتكاب جريمة الاغتصاب أو الخطف مثار جدل كبير.
وهذا التساؤل يعود إلى تاريخ إحدى أكثر المواد إثارة للجدل في قانون العقوبات المصري، وهي المادة 291 التي كانت تسمح للجاني بالإفلات من العقوبة في حال زواجه من ضحيته بعد اغتصابها او خطفها.
التأريخ القانوني للمادة 291 عقوبات: من “الهروب من العقاب” إلى “الإلغاء” إلي “تجريم استغلال الاطفال”
1. الصيغة القديمة: “الزواج يمحو الجريمة“
في الماضي، كانت المادة 291 تنص على أن “”إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجًا لا يحكم عليه بعقومة ما”” وكانت الفلسفة وراء هذا النص حماية “شرف” الفتاة و”الستر” عليها من الوصمة الاجتماعية التي كانت تلاحقها، فكان الزواج في نظر المشرع الحل الأمثل لإعادة دمج الضحية في المجتمع.
وحيث انه بالتطبيق العملي للمادة في صياغتها القديمة تسببت في اثار سلبية خطيرة منها:
- تشجيع الجريمة: كانت تمنح الجاني مخرجًا قانونيًا للإفلات من العقاب، فإنتفي الردع العام.
- استمرار العنف: كانت تضع الضحية في علاقة قسرية مستمرة مع من اعتدى عليها.
- انتهاك الحقوق: كانت تتعارض مع أبسط حقوق المرأة في تقرير مصيرها.
2. الضغط المجتمعي وإلغاء المادة
مع تصاعد الوعي بحقوق المرأة والضغوط من منظمات المجتمع المدني، بدأت الأصوات تتعالى لإلغاء هذه المادة، فتوجت هذه الجهود بنجاح في عام 1999، عندما صدر القانون رقم 14 لسنة 1999 الذي ألغى المادة 291 تمامًا من قانون العقوبات، وبهذا الإلغاء لم يعد زواج الجاني من المجني عليها يمثل أي وسيلة للإفلات من العقاب.
الوضع الحالي: لا إفلات من العقاب.
بعد إلغاء النص القديم لم يعد زواج الجاني من المجني عليها في جرائم الاغتصاب أو الخطف يشكل أي مانع للعقاب، بل إن هذه الجرائم تخضع للمساءلة الجنائية الكاملة، ويتم توقيع العقوبات المقررة عليها دون أي اعتبارات خاصة.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن القاضي الجنائي يملك سلطته التقديرية في تكييف الواقعة وتوقيع العقوبة في حدود النصوص القانونية، وهو ما يشمل النظر في كافة ظروف الدعوى وملابساتها، بما فيها أي جوانب قد تتعلق بحالة المجني عليها أو الجاني، ولكن دون أن يكون لواقعة الزواج في حد ذاتها أي تأثير قانوني مباشر على إسقاط العقوبة.
أخيرا: إعادة صياغة المادة 291 لأهداف نبيلة.
ففي عام 2008 صدر القانون رقم 126 لسنة 2008 الذي أعاد صياغة المادة 291 بشكل كامل، ولكن بفلسفة مختلفة تمامًا، فلم تعد المادة تتعلق بالزواج، بل أصبحت مخصصة لتجريم الاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وهذا التعديل التشريعي يؤكد أن المشرع المصري قد أغلق الباب نهائيًا أمام أي محاولة للعودة إلى الفلسفة القديمة.
في النهاية لقد ألغيت المادة التي كانت تنص على أن زواج الجاني من المجني عليها يمثل مانعًا من موانع العقاب، أما المادة 291 الحالية فهي مخصصة لحماية الأطفال من الاستغلال، مما ينهي الجدل حول هذه القضية بشكل حاسم.
للتواصل معنا
📞 01028134004
📍 العنوان: قطور المحطة - شارع المحكمة - مقابل الشهر العقاري - الدور الرابع علوي بالبرج الاداري - مركز قطور - محافظة الغربية